السبت، سبتمبر 17، 2011

لا شيء سوى ذكريات وصور.....


تسلل ضوء الفجر شاحبا .... مخفيا جميل وجنتيه المشعتين عنا... يزحف بصمت النائمين لا يلتفت الينا ....
في يده اليمنى وشاحه الاسود الذي اختبأ خلفه طوال الليل.... لا يريد ان يتركه لا يريده ان يدف رغم ابتلاله بقطرات الندى...
وفي يده اليسرى لا أفهم ما الذي تراه عيني انها حقيبة سفر صغيرة ... قد لا تسع الا لبضع قصاصات من ورق ...أو ...أو... صور.....
فهمتك أيها الضوء المغبر في ساحاتنا التعبة ... تترنح عند أبواب شرفتنا تود ولا تود اليها الدخول....أراك جالسا بظهر منحنٍ ضعيف ....
على أطراف داليتي الجافة .... التي احترقت يما من صمت العصافير عليها.... أراك تحتضن وشاحك وحقيبتك ....أراك تقلبها بين عينيك
تنظر اليها دامع العينين ... متنهد الشفتين.... نبضك أسمعه من خلف الزجاج الذي تغطيه انفاسي القاسية.... يديك راجفتين كغصن عتيق...
أتجتاج أن يمد اليك أحدهم يديه ليقدم اليك رشفة نور ...أعلم انك لا تشرب الماء فعليك بالنور.... أتحتاج يدي لأسافر بك الى البيوت...
لتصل حيث لا بد لك ان تبعثر أطرافك الململمة .... أن تلقي بنفسك على الأسرة المبعثر لترتبها ببهاءك الحار .... لم أحزر ما يجول ويصول في حاطرك القتيل الذي أجده ميتا دونما موت..... لا تجزع أيها الضوء فقد عرفت دون كلام ما مصابك اليوم وكل يوم ....
حقيبنك ما هي الى بقايانا نحن البشر..... ما هي الا بعض منا في أوراق وصور
ما يحتويها قد احتوانا يوما في أحياء.....وما بتردد فيها اليوم لذاهبين الى العلياء
تحملهم بين ذراعيك الطويلتين ..... رافعا اياهم نحو السماء....
أسجلت أسماء الزاحفين منك اليك ....أم ترطنها تهيم بين القلوب جرحا....
مللت ضعفك مللت صمتك مللتك ايها الشاحب الحزين .... اذهب الى أطراف شرفة اخرى فشرفتي لم تعد تحتمل
ما الذي دهاني في ساعات الليل المظلمة هذه لا زال الفجر بعيدا وبزوغه لا زال خلف الافق يرتاح بعد مشقة الصباح....
وانا اجدني اقلب ذاكرتي لأتوه بسراديبها المقفلة......المعتقة الجدران .... التي غابت عنها صور الاحبة .... والصابرين
هناك عرفتهم دون ان اتعرف اليهم ..... عرفتهم يسافرون دون توفق دون همهمة المتعبين .... دونما غناء لأقدامهم السائرة ودونما أثر....
عرفتهم يصعدون دون توقف الى أين يذهبون دوني..... الى أين يتركون البشر وحدهم .... لا يلقون حتى علينا السلام ولا ينتظرومما عند قطارهم لنودعهم وسط ضجيج الراحلين.... وسط الصرخات أو الأنين .... ذهبووووووووو...... وهذا ما بتنا منه متأكدين....
ها قد جاء الفجر مثقلا بالنعاس ... يتمتم بكلمات لا تفسير لها لا معنى يغلف محتواها....
كما حلمت يقظة به وجدته .... لكن وشاحه أبيضا وحقيبته مفرغة من محتواها ... فقد نسي أن يغلق على أسرارها الأبواب والأقفال...
عرفت الان ما تحتويه انها صورهم .... ما تركو لنا على الارض ... ما علقوا على اطراف السماء.... فقط ....
صورا وأسماء
كلما ضحك أحدهم من حولي أسمعهم .... كلما غابت الشمس واختلطت الظلال أجدهم معلقون على أشعتها الذاهبة فأبكي
بكائي ليس حزنا بل اذا نظرت لاخر الشمس المحترقة لا تقوى عينينك النظر فتتساقط بضع قطرات من عينيك كأنك تبكي صمت الغروب
فتشيح ناظريك عنها لتبكي وحدك كي لا تراك أطياف الراحلين .... أنا على علم انهم لا يمدون الينا أصابعهم الطرية الغضة ليمسحوا
من على الخدين المحمرين ما هطل وقت الرحيل .....
كلما جلس بين أغصان الزيتون عصفورا أجدهم تكفكفون عن عيونهم اخر تعابير النعاس فهم لن بعودوا بعد اليوم الى أسِرتهم تعبين
بل يستلقون بين ذرات العودة المعطرة برائحة العنبر والماء .... بين أنغام لأنشودة الياسمين .....
لماذا نبقى واقفين امام خضرته مبالغين بصمتنا ... تراوغنا دمعاتنا لتزحف هاربة كسحابة فارة من السماء الى السماء خجولة لا تحمل البشائر...
أتعبنا وقوفه هناك وكم أتعبتنا لحظاته ,,,, فما الذي يليك أيها الموت .... سوى الذكربات وبعض من الصور أو كثيرة هي تلك التي نعلقها على جدراننا ان كانت في القلوب أو في زوايا المنازل..... لا تعبر الا عنهم ولا نرى بها سواهم .....
رحلوا.............. وما أبقوه لنا وما أخذوه منا ..... تركوا لنا الوسيلة التي كانوا على يقين انهم لن ينتسوا من خلالها أبدا.........
انها ذكريات وصور..... انها لهم ..... بل هي : " هم".....
اما زلنا نحفظ الاسماء ام هذا ما تركوه لنا .....؟؟؟!!!!
لم أعد أقوى على الكتابة فقد أبكوني .... أبكوني كثيرا حتى نسيت ما يقال في حضرته ما علمنا اياها الله ونبيه ....
لم أعد قوية الا بالصمت ..... لا شيء الا هو ما يبرد حرارة العيون المحمرة حزنا.... وبجفف دم الغضب والحيرة والتساؤلات...
كل شيء أبكانا الا ما تركوا لنا لا يبكينا بل يبقينا على دوام البكاء.....
ذكربات وصور ما اكثرها ويا لشدة تعلقنا بها
كأنها الروح لا تفارق أجسادنا الى حين....
هذه هي أيامنا التي نحياها الان قليل من ابتسام وكثيرة هي الذكريات والصور ....أي ما كنت أعنيه قليل هو مسينا نحو الحياة
وكثير بكائنا ... ما أسميناه بالذكريات وما اعتدنا عليه بالصور....
رحمكم الله ..... رحمكم الله
حمادة .... هكذا أسموك وعرفوك ونادوك ....... مؤمن .... هكذا أسموك وعرفوك ونادوك ......